نحتفل بيوم البيئة وعيد الحب ويوم الفراشية ورأس السنة ، ونتبادل التهاني تقديرا لأصحابنا وحلفائنا النصارى ، ونصدح بالخطابات مع إستعراض حماسي مليشياوي يوم تأسيس الجيش السنوسي الذي دخل مع الإنجليز لمنحهم حرية القواعد ، ونحتفل بيوم فتح مكة بدخول التاير بلحاج في سيارة إسعاف لباب العزيزية تحت الأباتشي الأمريكية وبحماية جنود قطر والأردن ، ويوم تحرير بني وليد الأول من ( المرتزقة اليوغسلاف والأسيويين ) ، والتحرير الثاني من ( كراع خميس وراس موسى إبراهيم ) ، ويوم تحرير تاورغاء بجعلها ركام من بيوت الأزلام لتبقى شاهدا تاريخيا على عظمة وحجة فبراير ، ويوم تحرير البيضاء من كتيبة الجويفي وتاريخ الجويفي بذبح الجنود مقيدين وتعليقهم في الجسور . ويوم تحرير بنغازي بجماعة الصدور العارية بن حميد والصلابي والزهاوي وتربل وزيو من كتيبة الفضيل وتاريخ الفضيل الذي قطع رأسه بوشاية من أجداد أصحاب الصدور العارية ، ونحتفل بتحرير العوينية والشقيقة والغزاية ودرج بقتل أهلها الرافضين لإستقبال جنود قطر ومبعوث صهيون تحت جنازير الدبابات وبالغاز السام ، ونحتفل بيوم تحرير الأصابعة والقواليش وورشفانة والعجيلات وسبها والشاطئ وبدر وتيجي وترهونة بإقتحامها وقصفها عشوائيا وتدمير منازل أهلها وجعلهم تائهين في الشتات وبراريك الزينقو .
ونفتش بإجتهاد وتركيز التقويم الفرنجي وحتى الصيني على كل مناسبة من ( رمى العنب فى أستراليا ، ومعركة الطماطم فى إسبانيا ، ومهرجان الموسيقى تحت الماء ومهرجان أضواء الشتاء فى اليابان ، ومهرجان الشمسيات الملونة فى البرتغال ، ومهرجان الكلاب الذهبية فى اسكتلندا ) لكي نحتفل بها ونؤكد للعالم إننا متحضرين ومتمدنين ومثقفين ونزعنا العباءة التي كانت تطمس مواهبنا . بل نقيم مسابقات ملكات الجمال وملوك الوسامة وجمال القطط والكلاب والسيارات الكلاسيكية .
لكن يوم طرد 30 ألف إيطالي فاشي مستوطن ، كانوا يملكون الأراضي الزراعية والمحال التجارية والمصارف غصبا في بلادنا ، ويعتبرونها حق مقدس ، بينما كان الليبيين أمام الأمر الواقع ، يشتغلون عبيد عندهم في الزراعة وأسطبلات الخيول ورعي الأغنام وخدمات منازل وفي الخمارات يفتحون علب وزجاجات النبيذ لهم مقابل دراهم لاتسد الرمق ترمى لهم تحت الأقدام .
هذه مناسبة نخجل من الإحتفال بها لأنها تثير مشاعر أصدقائنا ( الأبابيل ) وتؤثر على العلاقات التي بنيناها بعرق الإحداثيات وسواعد طهى الكسكسي بالبصلة ، وحسن النوايا بتسليم الأرشيف لأولاد موزة ، والتعاون بالسماح لليفي مقابلة المعتقلين وجعل المخابرات الفرنسية والقطرية والسعودية تحقق معهم ، وأيضا كون من قام بمناسبة الإجلاء هو ( التاغية ) الذي خرجنا ضده وكفرناه وكشفنا سر يهوديته ، فنفوسنا لاتحتمل أن نحتفل بشئ فعله لأجلنا حتى لو أسقانا سلسبيل عذب ، بعد عطشنا وزحف المالح على بيوتنا ومزارعنا ، أو رفع هاماتنا للسماء بعد أن كنا نسيا منسيا لاتعرف بلادنا من لبنان وليبيريا ، أو جعل مالكي مزارع طمينة وأسطبلات الكونتيسا وملهى الودان وحاكم برقة الفاشي يحني رأسه لنا طالبا العفو والمغفرة .
عذرا أيها الوطن الضارب في عمق التاريخ ، فالربيع له طقوس مختلفة ، وعذرا أيها الزمن الشاهد من فيلادلفيا طرابلس حتى الأف 14 بخليج سرت ، فالكرامة لها معاني مختلفة ، وعذرا أيها التراب الممزوج بعطر الشهادة من المختار حتى المعتصم ، فالدين له تفسيرات مختلفة ...