قبل أن أبدأ بسرد إعترافات هذا الجاسوس ، لفت نظري بعض القرّاء الأعزاء يتسائلون عن تحديد أسماء بعض المشاركين في هذا العمل ، وكذلك العلاقة مابين مانفرد كوبسل و برنارد هنري ليڤي، بالقول؛ أن عملية القبض على كوبسل كانت في بداية الثمانينات ، وأن برنارد ليڤي قد وصل إلى ليبيا بداية فبراير 2011. وإجابتي على هذه الإستفسارات تتخلص فيما يلي :
- إن هذا الجهد الأمني الكبير هو نشاط قسم البحث الجنائي ، ونظرا لإن لا وثائق لدي بإسماء الضباط والأعضاء العاملين في ذلك الوقت بهذا القسم ، هم جميعهم شاركوا في عمليات القبض والتفتيش والتحري ،كذلك التأمين والحراسة . ولاعلاقة لباقي مراكز الشرطة بهذا العمل ، وكذلك جهاز الأمن الداخلي والأمن الخارجي والإستخبارات العسكرية . ولقد كان دوري أنا شخصياً في هذه القضية هو وصفي لنوعية هذا النشاط بإعتباري متخصص في نشاط هذه المنظمات ، ومنها الماسونية والقديانية و البهائية .. ولهذا شكل الأخ أمين اللجنة الشعبية للعدل لجنةً برئاستي ، وعضوية المرحوم رائد ناجي الزوي وضابط آخر لايحضرني إسمه ، لإنني أقوم بسرد هذه الوقائع من ذاكرتي وليست لدي ثمة وثائق بحوزتي .
- أما فيما يتعلق بإستفسار أحد القراء ، حول إطلاع الرأي العام بخصوص هذه القضية ، ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة في حينها .. فأنا أؤكد بإن التعليمات قد صدرت لي شخصياً ، بنشر وقائع هذه القضية ، وقد نشرت بالفعل على حلقات بصحيفة أخبار المدينة - أخبار بنغازي - وكانت تلك الحلقات بكنيتي التي حملت إسم إبني سفيان " أبو سفيان " . كما أنه تم تكليفي بأن أتطرق إلى هذا النشاط الإجرامي المدمر ، من خلال محاضرات في الجامعات والمعاهد ومراكز الشباب .. وقد ألقيت عدة محاضرات بالخصوص في جامعات قاريونس والعرب الطبية وخليج التحدي بسرت ، كذلك المرج وبعض المعاهد العليا والمدارس الثانوية .. وقد تنوعت تلك المحاضرات وشملت النشاط الديني المتطرف " الزندقة ".
- أمّا فيما يتعلق بالمراحل التي أشار لها بعض الأخوة القراء ، فإن الماسونية وضعت قواعد ثابتة لإفساد المجتمع ، وإهدار قيمه و المساس بثوابت الدين الإسلامي والديانة المسيحية وإزدراءهما . وقد تبين لنا من خلال التحقيق في تلك الواقعة ، أن الأوامر صدرت من المحفل الماسوني العالمي لرأس هذه العصابة ، وهو الألماني المعروف بإسم " عاشور " وقد تم القبض عليه في طرابلس .. بإن يتم الإستيلاء على وثائق ومخطوطات محفوظة في السرايا الحمراء بطرابلس ، مكتوبةً باللغة التركية .. وبترجمة تلك الوثائق إلى اللغة العربية عن طريق نيابة أمن الثورة ، إتضح أنها تتعلق بأول نشاط للماسونيين في العهد العثماني في طرابلس ، خصوصاً بين الولاة العثمانيين والذين تعاقبوا على حكم الأقاليم في ليبيا .. وقد أُ شير إلى هذا النشاط إعلامياً بتلك الحقبة في مسلسل مرئي عنوانه " حرب السنوات الأربعة " .
لقد كان الجاسوس مانفرد كوبسل شخصية ليس من السهل سبر أغوارها ، ولهذا أخذ منا كثيراً من الوقت ومن الصبر .. حيث إتضح أنه على دراية كاملة بتركيبة القبائل بالمنطقة الشرقية ، وبموروثيها الإجتماعي والتاريخي .. وكان يلتقي دائماً ببعض المواطنين البسطاء خاصة عندما أقام بزاوية الطيلمون وسلوق وبنينا ، وقد تمكن من الدخول إلى معسكرات حساسة للجيش ، وكان متتبع جيد لنشاط الأمن ولجهود رجاله في مجال مكافحة الجريمة . كانت مذكرات جمع الإستدلال تعرض بشكل يومي على الأستاذ مفتاح بوكر ، الذي أمر بإعداد مذكرة شاملة بما توصلنا إليه من نتائج .. وبعد عرضه لتلك المذكرة على القيادة العليا ، أمرنا بمراجعة جميع مدراء الأمن الذين تعاقبوا على موقع مديرية الأمن في بنغازي والقرى ، حيث كانت تلك المواقع تُسمّى " حكمدارية بنغازي وحكمدارية القرى " ، بداية من عام 1963 حتى تاريخ القبض على هذا الجاسوس في بداية الثمانينات ، وذلك لإمكانية الحصول منهم على معلومات تفيد التحقيق .. وقد تطرقنا بالمذكرة إلى إعتراف كوبسل ، بوجود خلية أخرى في طرابلس يرأسها أحد الألمان ، وقد طلب مني الأخ أمين العدل بإن اتصل بإستاذنا الراحل العميد " أمحمد الغزالي " مدير إدارة أمن الثورة في حينها ، وكان رحمه الله قامة من قامات الأمن الذين تتلمذنا على يده .. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العميد الغزالي يعتبر أحد الكوادر الأمنية الذين أستمروا بمهام الوظيفة بعد ثورة الفاتح من سبتمبر .