بينما اعد لمحاضرتي يوم الغد (الحدود القومية والاستراتيجيا)، اثارت الدكتورة فاطمة حمروش موضوعين يدوران في خلدي، الموضوعان سياسيان بمعنى الكلمة رغم اختلافهما، موضوع (حاسي مسعود) الذي ابتاعته سياسة النظام الملكي، وهذا نقاشه سيكون غدا مع طلابي، اما الموضوع الثاني فهو السجن (اعفوني من التمييز بين مصطلح السجن والحبس والاعتقال، لكي لا اطيل)، وقبل السير في كتابة مقالتي اود المعذرة من القراء ذوي التوجهات السياسية المختلفة، والتوجهات الفكرية المتنوعة، اتفقَوا او اختلفَوا معي، اتمنى عليهم الا يتوقفوا عند ملاحظات لا ترقى الى النظر اليها بغمزة عين، عندما اتكلم عن شخصيات لا البسها جلباب الفخامة ولا مزقة الحقارة، تلك هي مهمة التاريخ، الدكتورة فاطمة قارنت حدثاً بين عهدين في بلد واحد.
من ناحيتي اذكر حادثة رواها لي مقرب من أهل الشان، بعد الثورة عام 1969 استدعى العقيد معمر القذافي رئيس مجلس قيادة الثورة، كل من عبد العزيز الشلحي(الجيش) وعون رحومة شقيفة(صاحب صفقة منظومة الدفاع مع بريطانيا)، وهما نسائب من اركان النظام الملكي، قال لهما نحن قمنا بالثورة لتحرير ليبيا من القواعد الاجنبية ومن التبعيىة للغرب، ولاحداث تنمية وطنية ترفع من مستوى حياة المواطن الليبي، ولم نقم بالثورة ضد احد .. انتما عملتما مع الملك ونحن لايمكن نعاقبكما على ذلك، بل محتاجين لخبرتكما والعمل معنا، وعرض عليهما سفيران في سويسرا واسبانيا، فرد الشلحي ثورتكم يا معمر نشهد انها بيضا وربي يوفقكم، اما نحن فدعنا نعيش مع اسرنا، فنادى القائد احمد رمضان وقال له اعطيهم كل ارقام هواتفك وحقق لهما كل طلباتهما.
طيب .. لماذا لا تكون خطوة جريئة من الاخوة في المجلس الرئاسي وزعماء ثوار طرابلس ومصراته والزاوية، بتحمل المسؤولية واطلاق السجناء دوردة والبغدادي والمهدي ومنصور واحمد ابراهيم كدفعة اولى، لاعتبارات صحية وانسانية، يتلوها تسريح آخر للبقية، ابدا لن يعترض بقية الثوار ولا اهالي طرابلس ولا الزاوية ولا مصراتة، لا داعٍ للتحجج بالخوف من هؤلاء، ربما كان هذا التخوف قبل سنوات مضت، اليوم الناس رجعت لعقولها وتواصلت مع بعضها وتغيرت المعاملة مع السجناء الى الاحسن، اطلاق السجناء يرطب القلوب ويذهب الاحقاد ويحقق المصالحة الوطنية.. اجساد السجناء أكلتها رطوبة الحيطان، واكباد اهلهم تمزقت .. هيا كونوا شجعان يا اهل القرار.