في الوقت الذي كانت فيه غرغور حيث بيت عائلة العقيد مطوقة بالبوابات الامنية وتصادف مرور رتل سعيد راشد بأحد البوابات التي اشتبكت معه لإعتقادها بأن هناك هجوم مسلح على حي غرغور .
ترتب على الاشتباك وفاة سعيد راشد وابنه ، كانت خسارة فادحـة بكل المقاييس ولكن المصيبة حين تأتي في موكب المصائب لا تشعر بها مثلما تأتي لوحدها .
سعيد راشد رجل أستثنائي فله من الشجاعة والرجولة ما تحكي عنه افعاله لا اقول الاخرين .
كان رجلاً يحب الناس وتحبه كل الناس ، فهو لا يغيب عن اي مناسبة اجتماعية ففي العزاء ترأه حتي تعتقد انه من اهل الميت وفي الفرح ترأه حتي تعتقد انه من اهل الفرح .
سعيد ايضا رجل متدين جداً ومتصوف وزاهد في الحياة فلا تهمه الدنيا ولا مظاهرها .
كان معمر القذافي يثق فيه لدرجة لا توصف وفي الكثير من الاحيان كان يزوره في بيته في غرغور فهم جيران والعقيد كان يحب في سعيد راشد صـدقه وشجاعته وحكمته وولائه للثورة .
فقدان سعيد راشد في الساعات الاولي للمعركة هو الخبر الذي افتتحت به الاخبار السيئة زياراتها لنا .
فمنذ رحيله والاخبار انهمرت فوق رؤوسنا كما تهطل الامطار في شهر ديسمبر .
اتذكر بعد حادثة وفاتـه سمعت بعض الاشاعات التي كان يطلقها الكلاب الضالة انذاك بأن الرجل ثم اغتياله فطلبت من السنوسي ان يخبر المقارحة بحقيقة الواقعة خوفا من ردود افعالها العكسية .
فرد قائلاً انت لا تعرف المزرايع انهم على استعداد ان يموتوا جميعاً في سبيل الثورة وقائدها وهم عندما يتعلق الامر بالدفاع عن ليبيا يسائلون الاحياء لماذا ظلوا على قيد الحياة ولا يسائلون لماذا استشهد الابطال ، المقارحـة حياتهم هي الوطـن وهو يتنافسون من اجل التضحية بها وهم ليسوا بحاجة الي من يوضح لها الحقيقة لانهم في الاساس محصنين عن الشائعات .
اعجبني رد عبدالله السنوسي لقد كان ينطق كل كلمة بصدق ليس لانه مقرحي بل لان هذه هي الحقيقة بعينها .
حتي معمر القذافي عندما خاطب المقارحة قال لهم انتم ما تحتاجوا مني كلام كثير واكتفي ببيت من الشعر وطلب من صاحبه ان يكمل بقيته .
المقارحـة قبيلة تعج بالابطال من سعيد الي عبدالله الي بوزيد الي بن نائل جبين المجد .
اطيل عندما اتحدث عنهم لان العزف على اوتار امجادهم يليق بتاريخهم وتضحياتهم التي يشهد بها الوطـن كلما تذكر بطولاتهـم في بئر الغنم والكاف وبراك الشاطئ .
رحـم الله سعيد راشد الرجل الذي افتقده الوطن في زمن كان يحتاج فيه الي حكمتـه وشجاعته ووفائـه .
هكذا هو الموت لا يستشير البشر ولديه حساباته التي لا تقيم وزنا لحساباتنا .