أمام العالم جميعنا وبلا استثاء لسنا سوى مجموعة من القتلى والمجرمين واللصوص وقطاع الطرق والخونة والمتسلقين والأفاقين والانتهازيين والوصوليين والمتمترسين هنا وهناك ومن تبقى منا بُسط تدوسها الأرجل الداخلة أو الخارجة ..!
جميعنا نجيد الخُطب والهتاف والصراخ والتكبير والتبرير والتحليل والتهليل والتهديد والوعيد ولكننا جميعا عاجزون عن الإعتراف
مجرد الإعتراف بحقيقتنا البشعة ...!
ماهو الوطن .. هل هو المساحة الجغرافية أم ما نمتلكه فيها أم ما نحصل عليه منها أم هو مجموعة المعتقدات والقناعات التي نسميها قيما ومُثلا ونصبغ عليها صفة القداسة ويضع لها كلٌ منا البرواز الذي يتناسب مع قدرته على توسيعه متى ما تطلبت الضرورة أو بالأحرى المصلحة ذلك .. حتى نصل إلى اليقين بأنها الحق الذي يجب على الجميع اتباعه بل والموت لأجله وتبرير القتل لأجله أيضا ..!
أي معادلة هذه التي ومنذ عشر سنوات ونحن نُصفي حساباتنا وفقها ..
فلكي يعود مهجرٌ لبيته لابد من تهجير آخر ولكي يبقى أحدنا آمنا في بيته لابد وأن يعيش الآخر بلا مأوى أو في حالة من الرعب المستمر ، ولكي نبني بيتا أو نرممه لابد بالمقابل أن نهدم بيتا أخر وأي كلام عن الإعمار يقابله بالضرورة فعلٌ مدمِر ..!
من غرس في عقولنا أنه لابد وأن نكرس الحياة لأجل الموت وأن أرواح من ماتوا لن تهدأ حتى نُلحق بها أرواحا أخرى منا و ممن نتخاصم معهم لنعيش جميعا تحت طائلة الموت وداخل دائرته .. نموت لنثأر لمن سبق ونترك من خلفنا يعيش لسبب واحد هو الثأر لمن سبقه ..
ماذا تركنا لأطفالنا سوى مستقبلا نهدمه أمام أعينهم ..؟؟!!
ماذا صنعنا بشبابنا سوى أننا أقفلنا كل الأبواب في وجوههم ولم نترك لهم سوى سوق العمل الحربي وسط هذا الكم الرهيب من القنوات التي تُصرف عليها الملايين .. تتاجر بأحلامهم وتسوق لهم الأوهام ليكونوا وقودا لهذا الجحيم الذي يسمونه وطنا ليبقى مستعرا ...!
كل هذه المساحة لم تسعنا وكل هذه الأموال لم تُشبعنا وكل هذه الدماء لم تروينا وكل هذا الخراب لم يكفي ليعيد لنا لحظة تعقل ..!
فإلى أين نحن ذاهبون ..؟؟؟؟!!!!
