محطات اقتصادية وسياسية متعددة غيرت معالم وملامح المنظومة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العالم واخذت تُؤرخ بتواريخ حدوثها، مثل أزمة النفط عام 1973 أو صدمة النفط الأولى وأزمة خليج الخنازيربكوبا عام 1960 وهجمات سبتمبر2011 وغيرها واعتقد ان ازمة تفشي وباء كورونا سوف تكون مرحلة لها ما قبلها ومابعدها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، في كل الاحوال فان جميع هذه الاحداث كانت امتحانا صعبا وعسيرا لٳختبار مدى نجاح او فشل منظمة الامم المتحدة والمؤسسات التابعة لها في التعامل مع هذه الاحداث، حيث اعُلن مبكرا عن اخفاقات هذه المنظومة في تحقيق أدنى نتائج بل وصل الامر إلى التعدى على بعض المبادي الانسانية والقيم الاخلاقية التي عززها ميثاق الامم المتحدة ووطدتها الشرائع السماوية والقيم الانسانية قبل ذلك بآلاف السنين، فالامم المتحدة فقدت مصداقيتها لدي الفلسطنيين حين لم تستطع تطبيق قرار مجلس الأمن 242، واثبتت انها تكيل الكيل بمكيالين عندما تحولت إلى اداة تحاصرالليبيين لمدة عشرسنين، فشلت في اكثرمن حين عندما اُستخدمت واجهة لحماية المدنين في طرابلس والكونغو وفي السـيراليون، ولم تكن مُنصفه في اكثر من حالة ومناسبة وغاب تدخلها لمناصرة المضطهدين المسلمين في بورما وميانمار والفلبين. !!!
ولعل غزو دولة العراق في اعقاب ما سمي بالحرب علي الارهاب وما نتج عن هذا العدوان من قتل مليون عراقي وتدمير مدن وقري ونسف عدد من الموسسات العسكرية والمدنية بحجج اطلقها وزير الخارجية الامريكي الاسبق "كولن باول" بتاكداته على امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل من على منبر مجلس الامن الدولي عام 2003 والتي ثبت بطلانها فيما بعد، وهي تعتبرجريمة حرب مُوثقة ورغم مطالبة جماعات حقوقية دولية كثيرة الامم المتحدة بمحاكمة كولن باول ٳلا ان القضية حُفظت إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. !!!
سقطت المنظمة من اعين مُتأمليها عندما هادنت التدخل الامريكي في افغانستان هذه الحرب التي تسببت في حصد أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء المدنيين العزّل والتي امتدت ثمانية عشرعاما ومع بداية هذا العام جلس الامريكان مع ممثلي حركة طالبان والذين ابعدتهم الولات المتحدة عن السلطة عام 2001 لتوقيع اتفاق بالدوحة والذي ينص على انسحاب آلاف الجنود الأميركيين من أفغانستان (ويادار ما دخلك شر). !!!
وهي ذاتها القوى التي اشعلت فتيل الحرب بين الجارين جمهورية العراق والجمهورية الايرانية والتي اتت علي نصف مليون ضحية من كل جانب، حربا استمرت زهاء العشر سنيين وفي نهاية الامر رجع شط العرب إلى اهله وانتقل المقاتلون الخمينيون الفرس (بمفاتيح الجنة) إلى اليمن للقيام بذات الدور ونفس المهمة. !!!
هي ذاتها سلطة المال وادارة الجشع، فالسعقة الاولي كانت بانهيارالاتحاد السوفيتي وسقوط المنظومة الاشتراكية وتبني «البيريسترويكا» إعادة الهيكلة كمرحلة للتسليم وإيذنًا بانتصار مفهومحرية السوق تطبيقا للشعار الذي أطلقه الفيلسوف الاقتصادي الأسكتلندي آدم سميث " دعه يعمل دعه يمر" وكان العرض الاول بانتصار احد اطراف الحرب الباردة والمتمثل في الولايات المتحدة الامريكية والتي تتأثرسياساتها بضغط الشركات الرسمالية الكبرى والتي دأبت تعمل على مرعقود من الزمن لخلق الازمات وتغذية الخلافات لان هذة التوترات والحروب البينية والحروب الاهلية تمثل الفرص السانحة والرابحة لتسويق تجارة السلاح وتحقيق المتاح وصناعة المعارضات الهشة وتمويلها ورعايتها وتصديرها الي اوطانها الاصلية لتمكينهم من الوصول إلى مواقع صنع القرار لتلك البلدان المنغمسة في براثن الاقتتال والتناحر ووحل الدماء. !!!
ما كان متوقعا على الاقل من الامم المتحدة ان تقوم به لمجابهة هذه الجائحة هو إنهاء الحِصارات والعُقوبات الاقتصاديّة التي تُجوِّع عشَرات الملايين في بُلدان عديدة، خاصّةً إيران وسورية وقِطاع غزّة، ومنظمة الصحة الدولية وهي السلطةُ التوجيهية والتنسيقية ضمن منظومة الأمم المتحدة في مجال مواجهة الاوبية والامراض تواجه انتقادات مباشرة هذه الايام حتي ان الرئيس الامريكي ترمب وجه نقدا لاذعا للمنظمة وقال إنها قدمت توصية خاطئة للولايات المتحدة بإبقاء الحدود مفتوحة مع الصين، حتى انه أمر بحجب المساهمات المالية الامريكية لهذا العام والتي تقدمها الحكومة الامريكية إلى المنظمة، لذا فان مرض كورونا الذي يحتل العناوين منذ شهرين والذي بدا انتشاره بمدينة ووهان الصينية في شهر ديسمبر الماضي حيث نشطت تجارة المعقمات والكمامات والمطهرات وعكفت مراكز الابحاث لٳيجاد الامصال والادوية والمسكنات وتواترت الاجتهادات وتبادالت الاتهامات وتزاحمت الاحتكارات وتنافست الشركات لمواجهة وباء عالمي كان من المفترض ان يُقرب بين الدول والسياسات وان تعمل المنظومة الدولية على تحقيق اتفاقاتها في مواجهة المخاطر التي تواجه البشرية الا ان هذا الوباء اصبح يداهم قصورالملوك وروساء الحكومات حيث تتماثل حالاتهم للشفاء ويموت بالمقابل الالاف في دُورالعجزة والمصحات. !!!
ومن هنا فان ازمة كورونا تجاوزت كونها وباء عالمي يجتاج العالم إلى ان تكون جزا مما يطلق عليه "حروب الجيل الخامس" حيث تُستغل حاجة الافراد والدول على حدا سواء للمعدات الطبية والمساعدات الدوائية لمواجهة هذا المرض مقابل تقديم بعض التنازلات وعقد الصفقات والتفاهمات، هكذا تعرضت الصحة العامة للناس إلى السمسرة الدولية والابتزاز السياسي، فهذا يذكرنا بمشروع "النفط مقابل الغذاء" الذي فرضته الدول المهيمنة على مجلس الامن الدولي عام 1995 وهو برنامج يسمح للعراق بتصدير جزء محدد من نفطه ليستفيد من عائداته في شراء الاحتياجات الإنسانية الضرورية فقط، تحت إشراف شركات غربية تتعاقد معها الأمم المتحدة ولم يكن بمقدور منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الاعتراض أو الرفض وهذا يتنافي مع مما يكفله القانون الدولي لحقوق الإنسان حيث انه لكل شخص الحق في الحصول على أعلى مستوى من الرعاية الصحية والاستفادة من ايرادته سواء فرد او جماعة بغض النظر على لونه ودينه وجنسه، ويستمر صانعو الجيل الخامس باستخدام التقنيات الحديثة وأن من بين هذه التقنيات استحداث حالة الفوضى في مواقع الصراع بين الاطراف المتصارعة بأيدي محلية وبشعارات وطنية قومية ومن التطبيقات العملية لهذه النظرية ما حدث بالمنطقة العربية عام 2011 عندما تم تحويل الانتفاضات والمطالب الشرعية إلى مشاريع ايدولوجية وانتصارات جهوية وهمية (نظرية المنتصر والمهزوم) لنسف الحد الأدنى من الامكانيات الوطنية التي تم تحقيقها ورفع مستوي سقف الطموح والغايات إلى المستوى الذي لا يمكن لاي حكومة وطنية جديدة تحقيقه في اجلا قريب وبذلك تُدفع الجماهير للعيش باحلام الورود وانتظار الوعود و الترحيب بكل ما هو آت من وراء الحدود. !!!
بالاشارة إلىنظرية المؤامرة التي يتبناها البعض ويرفضها اخرون تجاه أزمة كورونا فانني اكتفي بتنويه إلى الحركة الانتقائية الجغرافية لٳنتشارفيروس كورونا في العالم فانة ليس ثم من معياريمكن ضبط حركته من خلاله !!! لذا فان هذا الوباء مثلا يسجل وجود حالة واحدة حتي الان في الكاميرون في حين انه تم تسجيل اكثر من المليون حالة في الولايات المتحدة الامريكية وهو ينتشر في ايران ولا يفعل في الدولة المجاورة لها الباكستان رغم ان امكانيات الدولة الايرانية وخدماتها الصحية تفوق جارتها الباكستان بكثير والجدير بالذكر ان وباء كورونا كان قد اصاب احد عشر مسؤولاً حكومياً بالجمهورية الايرانية من بينهم النائب الأول للرئيس الايراني ووزير التراث الثقافي ووزير الصناعة واخرون بالاضافة الي اصابة ثلاثة وعشرون عضوًا في البرلمان الإيراني مما حدا بالحكومة الايرانية الي القول انها تتعرض الي مؤامرة !!! عليه فان عدد من الاسئلة التي تدور في اذهان الجميع تحتاج الي اجابات مقنعة، هي ما سرهذا المرض وسبب وجوده وما هي اسباب انتشاره ؟ وهل تستطيع الامم المتحدة وآلياتها فتح تحقيق موسع للضبط الجهة المسؤؤله!!! وهل هو وباء مرضي طبيعي ام انه فيروس مُهجن ضمن برنامج السلاح البيولوجي لدي احد القوى الدولية ضد قوى اخرى، واجمالا ولحسن الحظ فان دولنا العربية ليست المسؤولة عن انتاج هذا الوباء والحمد الله، كما انها ليست المستهدفة ونشكر الله، لانها ببساطة وللاسف ليس لديها مقعدا في منتدي الكبار، لكن الدول العربية كانت ولا تزال ضحية من ضحايا القوى الكبرى التي تديرالصراع.