-->
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

📚 قبسات ب ✍️ لاستاذ عمر رمضان 📚



الشجاعة لاتعني أن الشجاع لايخاف الموت
كلا فــ الشجاع كأي إنسان هو ممتليء بحب الحياة وهو يخاف الموت
عدم الخوف من الموت ليس شجاعة بل هو (بلادة حس) وتهور لامعنى ولاقيمة له
ولا معنى للشجاعة لو لم يكن الشجاع يخاف الموت ثم يقهر خوفه ويتقدم عازما إلى الموت فـ الشجاع يغلب خوفه قبل أن يغلب خصمه فإذا غلب خوفه وقهر تردده فلن يغلبه أحد وتلك هي الشجاعة وذلك هو سرها العميق
ليست الشجاعة أن تغلب غيرك بل الشجاعة أن تغلب خوفك وترددك أولا
فـ الشجاع والجبان كلاهما يحب الحياة
ولكن الشجاع يحب الحياة فــ يتدم مدافعا عنها
والجبان يحب الحياة فيتراجع محافظا على "بقائه " ولكن بلا حياة
( أرى كلنا يبغي الحياة لنفسه / حريصا عليها مستهاما بها صبّا
فــ حب الجبان النفس أورده التقى / وحب الشجاع النفس أورده الحربا )
وكذلك " العفة " لاتعني أن " العفيف" (بليد الحس) وميت القلب لاتهجس فيه نوازع الحب وطيبات الهوى ولايفتنه الجمال الساحر ولا تتحرق حناياه بما يجول فيها من شهوات وزهوات يجالدها ويكابدها . . كلا فـ العفيف ـــ كأي إنسان حساس ـــ تؤرقه الهواجس وتحرقه الشهوات ويفتنه الجمال ولكنه محكوم بــ التقوى وملجوم بالميزان الذي يرافقنا ولايفارقنا وبه وحده نزن أعمالنا
ــــــــــ ( إياك نعبد وإياك نستعين )
في كل خطوة ف العفيف هو واحد من الذين " اتقوا " والذين اتقوا
( إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ) نعم كلما هجس في حناياهم هاجس من الشيطان " تذكروا " فإذا تذكروا فماذا يكون ؟
يقول مولانا عن أهل التقوى الذين يعتصمون بميزانها ( تذكروا فإذاهم مبصرون )
أرأيتم معي ؟ ... العفيف والفاجر كلاهما يسحره الجمال وتفتنه الشهوة
بلى كلاهما فــ الإنسان هو الإنسان حسا وذوقا ورؤية وشعورا
ولكن " الفاجر" يفتنه الجمال فــ يندفع كأنه آلة لاضوابط لها
و"العفيف" يسحره الجمال فــ يتذكر فإذا تذكر أبصر " برهان ربه "
وذلك هو ـــ تماما ــ ماجرى لـ يوسف مع " امرأة العزيز "
امرأة العزيز السيدة الفاتنة المفتونة التي كانت ترى نفسها سيدة هذا "الغلام " الذي دخل بيتها ليكون خادما أو حتى ربما " تتخذه ولدا " لها ولزوجها
ولكن الغلام دخل البيت ثم اقتحم القلب فإذا الغلام المملوك سيد مالك
وإذا السيدة مملوكة لــ غلامها أو " فتاها " فهو " قد شغفها حبا "
وبين ( الشغف) وهو ...الحب المسيطر بعنف
وبين (الحب ) وهو الحب الرقراق زهوة وحلاوة .. وجدت السيدة المالكة نفسها مملوكة بــ الشغف لفتاها مدفوعة بـــ الحب إليه دفعا لاتملك فيه نفسها
ولاقرارها ولاترى فيه غيرها وغير فتاها
فــ همّت به تريده ولاتتردد في قرارها
وهم هو بها ... وجدها في نفسه تهجس نبضا زاهيا باهيا
همت هي به فـــ (غلّقت الأبواب وقالت هيت لك ) بلغة العشق ولغة التراب
وهم هو بها فـــ تذكر فــ رأى برهان ربه فاستعصم بربه
وليس في الأمر غريب ولاعجيب
ولكن فيه درسا يستحق الوقوف
سيدة فتنها فتاها بــ كماله في نفسه وحكمته العالية وتأثيره في الآخرين
فــ هو " محبوب " ممن يراه حتى بلا مخالطة وهو "معشوق " بعد المخالطة
فقد كان عليه السلام جميلا جمالا منقطع النظير حتى قالت النسوة ـــ وهن الحكم في هذا ـــ حين رأينه ( ماهذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم )
ولكن هذا القول وهو شهادة جهة الاختصاص في العشق والمخالطة
كان مسبوقا بحيثيات الشهادة ومبرراتها
فالنسوة لم يقلن هذا اعتباطا بل كانت الشهادة مسبوقة بـــ الرؤية
(فلما رأينه أكبرنه ) و" أكبرنه " هي محل الميزان ومحل الشهادة
فـــ " الإكبار " هو تقدير وهو إجلال وهو تعظيم
وبعد الرؤية والإكبار قلن (حاش لله ماهذا بشرا )
فإذا لم يكن بشرا كالبشر فماذا يكون ياترى
تقول الشهادة من جهة الاختصاص ( إن هذا إلا ملك كريم )
وهنا تقول السيدة امرأة العزيز
شاهدة لنفسها وشاهدة لذوق النسوة من بني جنسها
وشاهدة لــ يوسف // تقول بلا تردد ( فذلك الذي لمتننني فيه )
هذا وصف وتبرير ويأتي بعده الاعتراف ( ولقد راودته عن نفسه )
وهذا هو الاعتراف صريحا بلا تردد أمام بنات جنسها المفتونات بما رأين
وأتي الاعتراف لـــ يوسف ( ولقد راودته عن نفسه فـــ استعصم )
نعم ... لقد هم بها كما همت به ولكنه رأى برهان ربه
هو من أهل التقوى و(الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) وحين تذكر أبصر برهان ربه فــــ استعصم بربه
ليس المؤمن بليد الحس ولاميت الشعور ولاجامد القلب ولاهو صخرة بلا نبضات
كلا ... هو إنسان فيه ما في الإنسان من نوازع وشهوات
يوسف وامرأة العزيز كلاهما إنسان
هي إنسان مسه طائف من الشيطان فاندفع اندفاع الآلة بلا ضوابط
وهو إنسان مسه طائف من الشيطان فـ رأى برهان ربه فاستعصم بالله
وهذا هو الدرس المستفاد في اعتصام المؤمن بإيمانه واستعصامه بربه
مؤمن تهجس فيه هواجس الدنيا فيرتفع بربه على الدنيا وهواجسها
ويردها عن نفسه وهو يردد في إخلاص ( إياك نعبد وإياك نستعين )
ومن عبد الله واستعان به في إخلاص جعل الله له من أمره يسرا
و" قصة يوسف" عليه السلام درس في التربية ودرس في الإيمان
وهي "درس اجتماعي " في العواطف والمشاعر
وهي درس يعلمنا كيف يتسفل السافلون حتى يكونوا ترابا من تراب لاروح فيه وكيف يسمو المؤمنون حتى يكونوا " في أحسن تقويم "
لاتموت فيهم مشاعرهم
ولكنها لاتسوقهم إلى غضب الله ....
لايحرّمون العواطف
ولكنهم لايستحلون حرمات الله ولايتعدون حدود مولاهم
هم كــ غيرهم فيهم قلوب ولهم زهوات ويفتنهم الجمال ولكنهم لاينسون مولاهم ولايخترقون حدوده وهم " يخافون مقام ربهم " وينهون النفس عن الهوى فإذا مسهم طائف من الشيطان في لحظة ضعف استقووا بالله واعتصموا به
وهم في ذلك يراعون ( إياك نعبد ) فلا نخطيء عبادتك الخالصة
و( إياك نستعين ) في كل لحظة ضعف يغالبنا فيها الشيطان ولانستعين بغيرك
وهذه "قبسات سريعة " جدا من "سورة يوسف " عليه السلام
وبقيت في السورة " قبسات خاتمة " نتعرض لها غدا بعون الله تعالى

عن الكاتب

فراس الفارس

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

الد لــAL-DALEELــيـل

2017