-->
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

📚 قبسات ب ✍️ لاستاذ عمر رمضان 📚



كان سادة قريش يدركون أن انتصار الإسلام يعني ــ بكل واقعية ــ سياة المساواة بين الناس وهذا ــ باختصار ــ يعني أن يتساوى أبوسفيان بن حرب بـــ بلال بن رباح وأن يكون الراعي عبد الله بن مسعود نظيرا لــ عمرو بن هشام المخزومي
وكان سادة قريش يعرفون أن ذلك يعني سقوط امتيازاتهم في السيادة المطلقة والثراء الفاحش والكلمة العليا التي تقرر مصائر العباد والعبيد
وكان سادة قريش ــ في قرارة أنفسهم ـــ يدركون أن الإسلام حق وهو شرع الفطرة التي فطر الله الناس عليها ولكنهم كانوا يرون امتيازاتهم قائمة على دين قريش وآلهة قريش التي كان يقول عنها أبوسفيان " آلهة قريش تجارة ... وعبادة " فهي لم تكن إلا " طريقا " إلى الكسب والثروة والسيادة والجاه وهم كانوا يعرفون أنه لو انتصر الإسلام فسيجعلهم " ناسا من جملة الناس " لهم ماللناس وعليهم ماعلى غيرهم من الناس وذلك مالم يكونوا يريدون فالسيد من قريش كان ( يحسب أن لن يقدر عليه أحد ) لقوة نسبه وكثرة ولده ولقوة " المليشيات " التي يجندها ويجردها للدفاع عنه وعن "مقامه " ومكانته وثروته ولهذا فقد كان السيد من قريش يتفاخر قائلا
( أهلكت مالا لبدا ) وكان السيد من قريش يحسب (أن لم يره أحد ) فكان يقتل ويبذر ويتعامل مع الآخرين " عبيدا " تحت قبضة يده ...
وكان هذا كله يقع ويمارس أمام بصر الرسول الكريم وهو (حل بهذا البلد ) وقد علمه الله تعالى ـــ في رسالته العظيمة ـــ أن الإنسان مخلوق للمكابدة والمجاهدة وتحمل المشقة ولم يخلقه الله عبثا فهو سيغادر دنياه الفانية
ليلقى مولاه بما قدمت يداه إن خيرا فخير وإن شرا فشر
( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) .. والكبد هو التعب والمشقة والمجاهدة والمجالدة ...
ولهذا كان المعيار الكبير عن الإنسان ومدى قربه من مولاه بقوله تعالى
( فلا اقتحم العقبة / وما أدراك ما العقبة ؟؟ )
فـــ الإنسان الذي تقيده أنانيته وطمعه وشهوته ورغباته السخيفة لايكون إلا حريصا على نفسه وراحتها وزهوتها وغرورها وشهواتها لايقتحم بها " العقبة "
والعقبة / الأمر الصعب الذي يخالف به الإنسان مسارب نفسه المفروشة بالزهو والغرور والشهوة والراحة الزائلة والفخفخة والفخار والتكاثر فلا يرى غير نفسه
العقبة // أن يقتحم الإنسان مسارب لاتطرب لها شهوته ولايريدها هواه ولاشيطانه ...
ويأتي السؤال الصاعق ( وما أدراك ... ما العقبة ؟؟ )
ويجيء الجواب الرباني العظيم عن ( العقبة ) التي ينبغي علينا اقتحامها
( فك رقبة / أو إطعام في يوم ذي مسغبة / يتيما ذا مقربة / أو مسكينا ذا متربة / )
تلك هي العقبة التي ينبغي اقتحامها وذلك هو الكبد الذي خلقنا الله فيه ولابد منه
فك رقبة // فكها وتحريرها من شهوة الاستعباد التي تخنق عباد الله
فك رقبة // فكها من الفقر الذي يقيّد به الأثرياء فقراء الأرض الذين أفقرهم جشع الأغنياء وكذبهم ونفاقهم و" قوتهم " إذ يخيّرون الفقير بين الفقر وبين الموت
فك رقبة // وهل نستعبد الناس إلا بقوتنا وضعفهم ؟؟ وهل قوتنا إلا مال سرقناه فجنّدنا به الناس الفقراء ليذبحوا غيرهم من الفقراء فنحن نقتل الفقراء بالفقراء ونستقوي بالضعيف على الضعيف حتى تكون رقاب الضعفاء جميعا (القاتل والمقتول ) تحت أيدينا التي تمتليء بــ المال وتتلطخ بــ الدماء
فك رقبة // من جهلها ومن جهلنا حتى لاترى سيدا غير الله تعالى
ولقد كانت مكة / وغير مكة / حين أقبل الإسلام تعج بالرق والعبيد الذين ألغى السادة إنسانيتهم وألغوا وجودهم حتى صاروا مجرد متاع يباع ويورث ويقتله سيده بلا حسيب ويتلهى به بلا رقيب وكانت تعج بالتصدع والتمزق " الطبقي " الفاسد الذي يصنف الناس بــــ النسب و... الحسب فيجعل بعضهم أنصاف آلهة وبعضهم متاعا لاقيمة له ...
ويستوقفك أن القرءان جعل (فك رقبة ) أولى واجبات " اقتحام العقبة " فالحرية أولا والإنسان وحريته مقدم على كل فعل
فـــ " تحرير الإنسان" تلك هي العقبة التي ينبغي أن يقتحمها الإنسان خلافا للشهوة والرغبة والأنانية والتقاليد والعرف والموروث
هي عقبة (فك رقبة ) فهذه الرقبة المربوطة بــــ " ربق" الاستعباد والفقر والجهل والطبقة هي العقبة التي ينبغي اقتحامها أولا ...
رقبة .. ربطت وقيّدت .. سجنت .. اختطفت ... تم ربطها بــــ رباط وقيود وربق الجهل والجاهلية والطمع والأنانية والشهوة والسهوة والزهوة ولهذا ينبغي (فكها ) وتكسير قيودها فينا وفيها وفي المجتمع وفي الثقافة وفي الحياة حتى تكون بحق .... عبدا لله فقط لكي تحقق "الرقبة" ونحقق نحن بفكها ميزان ( إياك نعبد )
ومايخالف ميزان ( إياك نعبد ) بقايا من أوضاع مريضة استقرت واستمرت على مر الأجيال بعد الأجيال واستقرت في النفوس وفي الثقافة وتوارثها الناس (حقائق مسلّمة ) ولدا عن والد وطبقة عن طبقة عبرت عن طغيان الإنسان وفساده حين يتجرد من الدين المستقيم وحين ينزع يده من مولاه وحين يطغيه المال وتفسده الثروة حتى يرى أنه لن يقدر عليه أحد وحتى يظن أنه لم يره أحد وصدق الله العظيم ( كلا .... إن الإنسان ليطغى ... أن رآه استغنى ) ... وتلك أوضاع فاسدة كان الرسول العظيم يرصدها ويراها وينكرها وهو (حل بهذا البلد ) فكان يرى
" رقبة " تنتظر من يفكها وكان يرى اليتيم المقهور المسلوب منه حقه لايستطيع توفير طعام نفسه وبالقرب منه كان المسكين الذي لايجد غير التراب يملأبه يده
كان صلى الله عليه وهو ( حل بهذا البلد ) يرى
ــــ أهل " المتربة" الذين لايملكون غير التراب
ـــ وأهل " المترفة " الذين يرون الفقير واليتيم والمسكين مجرد "تراب "
... وكان صلى الله عليه وسلم ينكر هذا ويدعو إلى العدل والإنصاف والمساواة بين الناس فلافرق بينهم إلا بالــــ (تقوى) وكان يعرف أن تلك عقبة ينبغي اقتحامها ليستوي طريق الناس بلا عقبات ولامسارب ضلال ولا مجاهل تسوق إلى الهلاك ....
فــ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ميزانها وحقيقتها ( إياك نعبد )
فــ العبودية لله وحده وهي تعني الحرية المطلقة من كل " العبوديات " الزائفة لغير الله
وميزانها الذي لاينساه الرسول العظيم ( إياك نستعين ) فــ هو يستعين على رسالته وأدائها وتبليغها بــ مولاه ويأمر أتباعه بــ لاستعانة بالله في مواجهة الظلم وموازين الجور والجاهلية التي رفعت سادة فــ جعلتهم " أنصاف آلهة " وخفضت "عبيدا "
فــ جعلتهم خدما وفقراء ومساكين ويتامى ... ورقبة تنتظر من " يفك" قيدها
ومن أجل هذا الميزان العادل الهادي إلى الصراط المستقيم كان نضال وجهاد الرسول وصحابته الأولين في صدر الإسلام ونوره المشرق

عن الكاتب

فراس الفارس

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

الد لــAL-DALEELــيـل

2017