-->
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

📚 قبسات ب ✍️ لاستاذ عمر رمضان 📚



( يا أيها الناس اتقوا ربكم
إن زلزلة الساعة شيء عظيم /
يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها
وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد )
سورة الحج 1/ 2 /
التقوى هي مفتاح الخيرات للمؤمن في كل شيء
فــ تقوى الله هي رعاية أوامره في اتباع أوامره واجتناب نواهيه
وتقوى الله تعني أن يخاف المؤمن " مقام ربه " ورعاية هذا المقام العظيم
تقوى الله هي معرفة العبد أنه ـــ على الحقيقة ـــ عبد خاضع خاشع لــ مولاه
وأنه في حقيقته ضعيف ولكنه قوي مولاه وهو فقير ولكنه غني بمولاه وهو طين من حمإ مسنون ومن صلصال كالفخار وهو من " ماء مهين " ولكنه فيه " نفخة الروح " من مولاه فــ هو " خليفة مولاه" في الكون يتحمل مسؤولية عماره وازدهاره ويتحمل أمانة الخير والعدل والسلام والإيمان ينشرها في كون الله
التقوى هي أن يؤمن العبد أنه في حقيقته لاشيء ولكنه بــ مولاه هو كل شيء
والتقوى هي مفتاح كفارة السيئات وتعظيم الأجر ( ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا ) والتقوى هي مفتاح "التيسير" في حياة المؤمن فـ بالتقوى يجعل الله للعبد يسرا في كل صعوبة ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا )
والتقوى هي مفتاح العلم وباب الفهم ( واتقوا الله ويعلمكم الله )
ال الإمام الشافعي عن "تجربته " مع العلم والفهم والحفظ
( شكوت إلى وكيع سوء حفظي // فأرشدني إلى ترك المعاصي
وعلمني .... بأن العلم نــــور // ونور الله لايهدى لـ عاصي )
والمشهد الذي ترسمه فاتحة سورة "الحج " مشهد مرعب لانجاة للمؤمن منه
إلا بــ التقوى فــ تقوى الله في الحياة أمان للعبد في الآخرة فــ الله لايجمع على عبده خوفين فــ من خاف الله في الدنيا أمّنه الله في الآخرة
ومن نسي التقوى وعاش آمنا مطمئنا ناسيا للحشر والحساب والقيامة ولم يحسب حسابا للحساب والعقاب و"زلزلة الساعة " وجد نفسه يعاني هول "المحشر " ورعب القيامة
وفي " المشهد " ملامح من مشهد الحج في الزحام وفي انشغال كل عبد بنفسه وفي تجرد العباد من اللباس المخيط والمحيط وفي مجانبة الشهوات والتجرد من الزينة
وفي الطواف حول الكعبة في " جو" مشحون بــ الخوف والخشوع
ولكن مشهد القيامة هو أشد رعبا وخوفا وهلعا وترسمه فاتحة السورة مشهدا " مرعبا " يهز الأوصال ويحرك المشاعر وينثر الخوف في العروق
يبدأ المشهد بــ الأمر الرباني لــ عبيده ( يا أيها الناس ) فــ الدعوة والنصيحة والتحدذير يشمل (كل الناس ) لأن " المشهد " في القيامة يشمل (كل الناس ) ولامجال للنجاة من هذا المشهد بكل رعبه وخوفه وهوله وصعوبته وزلزلته للنفس إلا بــ (تقوى الله )
( يا أيها الناس اتقوا ربكم ) ورغم قسوة المشهد إلا ان التعبير القرآني فيه " روحانية " و" وجدانية " في إضافة (الناس ) إلى (ربكم ) فــ هذا الذي أمرنا بتقواه هو (ربنا ) نحن فهو لأنه (ربنا ) هو ( أهل التقوى واهل المغفرة ) فمن كان يرجو (المغفرة ) فعليه بــ (التقوى ) والتقوى ليست لــ رب بعيد عن عبده كلا بل هو (رب هذا العبد ) وهو لطيف عفو رحيم لــ كل من لقيه بالتقوى والخشوع وحقق العبودية في سلوكه أمام مولاه فإذا لقيه عبدا خالص العبودية وجده (ربه ) اللطيف به
وهذه التقوى هي العصمة والأمان من رعب المشهد الذي ترسمه الآية
( إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) و" زلزلة الساعة " غير "قيام الساعة "
الزلزلة هي الرعب والاضطراب وتداخل الأشياء .... زلزلة الساعة تعني (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) وزلزلة الساعة تعني ( إذا زلزلت الأرض زلزلزالها/ وأخرجت الأرض أثقالها ) وهل أثقالها إلا نحن تنفضنا نفضا من أعماقها ؟ وهل أثقالها إلا " الرمم " التي طوتها ثم نفضتها ولفظتها لتنطلق هذه الرمم تصخ وتتداخل أصواتها وخوفها وسؤالها ( وقال الإنسان مالها )
ويومئذ .... إي نعم يومئذ تقف الأض خطيبا بليغا يقول بلسان مبين فصيح
( يومئذ تحدث أخبارها بان ربك أوحى لها )
و(زلزلة الساعة شيء عظيم ) و" شيء عظيم " لو كان تعبيرا إنسانيا لكان مرعبا مخيفا فــ كيف والتعبير رباني يقوله لنا ربنا العظيم ... الله الخالق العظيم يقول لنا عن زلزلة الساعة إنها " شيء عظيم " فـــ لنتصور نحن شيئا يقول عنه مولانا العظيم إنه (شيء عظيم ) وهو " شيء عظيم " في رعبه وهوله
يقول مولانا (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت
وتضع كل ذات حمل حملها ) و" يوم ترونها " تعبير مرعب في حد ذاته فــ لزلة الساعة شيء يراه العبد بــ عينيه ولكنه يراها فيرى العجب والرعب
وتعبير " مرضعة " يلفت النظر فــ العربية تقول عن المرأة
ــ حامل
ـــ مرضع
أعني من غير تاء التأنيث باعتبار " الرضاع " و" الحمل " خصائص "نسائية " حتى بلا تاء التأنيث فالرجل لايشارك المراة في صفات الرضاع والحمل والحمل حتى نحتاج إلى تمييز المرأة بـــ تاء التأنيث
فــ لماذا جاءت هنا بتاء التانيث ( تذهل كل مرضعة عما أرضعت )
جاءت بـــ تاء التأنيث لتدل على " الحالة " وليس على " الوظيفة "
أي أن تلك " المرضعة " كانت في " حالة إرضاع " لجنينها الذي ذهلت عنه ونسيته
نسيت جنينها ونسيت وظيفتها ونسيت أمومتها ... رمت جنينها وهي مذهولة
زلزلة الساعة جعلتها مذهولة حتى عن أخص خصائصها وهي أمومتها
بل هي جعلتها تضع حملها قبل أوان الوضع
بل إن الأمر أشد وأدهى وامر و" الساعة أدهى وأمر "
( وترى الناس سكارى ) يضطرب بعضهم في بعضهم
يتخثر كلامهم على ألسنتهم فما يفهم عنهم احد ولايفهمون هم عن أحد
يتمييلون في ترنح غريب عجيب
إنهم سكارى حقا ولكنهم سكارى بــ " زلزلة الساعة " التي فاحت عليهم منها روائح العذاب و" عذاب الله شديد " لمن ترك تقواه فلم يحسب حسابا لــ "زلزلة الساعة "
هم سكارى وماهم بسكارى ولكن
لكن هنا ماذا ستقول للعبد الذي نسي ( إياك نعبد ) حتى واجه المعبود
ولكن ماذا ستقول للعبد الذي فرط في ( إياك نستعين ) حتى انقضى زمن الاستعانة
وجاء زممن الحساب فلا استعانة فيه ؟
لكن تقول بوضوح (وماهم بـــ سكارى ولكن عذاب الله شديد )
يا الله ( إياك نعبد وإياك نستعين /
اهدنا الصراط المستقيم / صراط الذين أنعمت عليهم /
غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) آآآآآآآآآآآآآآآآمين

عن الكاتب

فراس الفارس

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

الد لــAL-DALEELــيـل

2017