-->
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

ليبيا مصلحة قبل غاز بروم و ستظل كذلك بعدها &&✍️ بقلم Ramadan Abdussalam

I
في باريس ، في عام 1947 كانت ليبيا "الطبق الرئيس" على مائدة، مؤتمر وزراء خارجية الدول الأربع : ( الإتحاد السوفيتي، بريطانيا، فرنسا ، و أميركا )، و هي الدول التي انتصرت، في الحرب الأوروبية (العالمية) الثانية.
في تناولهم لما سمّوه، قضية "مستقبل المستعمرات الإيطالية السابقة"، التي من بينها ليبيا، كان كل منهم يضع عينه على البلاد ، و يسعى إلى نصيب منها .
و لولا إختلافهم ،لما رأت ليبيا النور كدولة...
لقد كان التفاوض على مصير ليبيا، يتم بإعتبارها،غنيمة حرب فحسب!
بريطانيا الماكرة كانت قد سبقت الجميع ، و ساومت بما لديها من أوراق، فتكلمت بإسم إيطاليا، التي ما كان يحق لها الكلام، لأنها شاركت في المحور الذي هُزِم ، و لكن بريطانيا قالت أن إيطاليا اليوم ، هي الديمقراطية، التي حين تخلصت من موسوليني، انضمت للحلفاء ، و يجب أن ندعم، هذه الديمقراطية الناشئة!
كانت الديمقراطية الناشئة، بالنسبة لبريطانيا ، هي لقمة بحجم "سيرينايكا".
سكتت إيطاليا لبريطانيا عن "سيرينايكا" أي "برقة"، مقابل أن تسكت هذه لإيطاليا عن جزء من الصومال الحالية و أرتيريا و الحبشة، و تركت "طرابلس" بينها و أميركا. لم تكن أميركا ، تريد في طرابلس ، أكثر من وجود عسكري ، و هو ما تحصلت عليه بسهولة؛ أمّا "فزّان" فإن إيطاليا لم تكن مهتمة بها كثيراً، و صارت مقتنعة بأنها مصلحة فرنسية ، أكثر منها إيطالية.
II
لم يكن الطامعون، في لقمة ، من الوليمة الليبية، البريطانيين و الفرنسيين ، و الأميركيين فقط، كان السوفييت أيضا يمطّون شفاههم، و يتلمظون ...
ظل الإتحاد السوفيتي، يسعى بكل السبل، للحصول على الوصاية على "برقة"، ليضمن لأسطول البحر الأسود مجالاً للحركة، في المتوسط ، بعد أن أمّن منافذ البحر المذكور، و إذا لم يتحقق له ذلك فطرابلس مناسبة ، و إذا لم تكن لا تلك و لا هذه، فعلى الأقل، وجود بحري في أي منهما.
حين يأس من الحصول على "برقة"، سعى ستالين للحصول على طرابلس كلها ، و حين عجز أوصى وزير خارجيته "فياتشيسلاف مولوتوف" ، بالحصول على "نقطة التموين المادي التقني" ، و هو اصطلاح يعني، قاعدة بحرية عسكرية في طرابلس...
كان وزير خارجية أميركا، حينذاك "إدوارد ستاتينيوس" قد وعد المسؤولين السوفييت، بدعم مطالبهم في "حق استخدام الأقاليم المشمولة بالوصاية". لم يحدّد المسؤولون السوفييت، مقصدهم؛ و لا كان "ستاتينيوس" في حاجة لأن يستوضحهم . الطرفان يعرفان مقصد كل منهما...
عندما ارتقى "هاري ترومان" سدة حكم أميركا، لحس كل الوعود التي منحها أسلافه للسوفييت.
لم يكن محل الوعود الأميركية الملحوسة؛ غير ليبيا، و لم تكن عين السوفييت، إلّا عليها...
III
ضِمنَ مناخِ "التآمر" ، بعث الكبار بلجنة خاصة للتحقيق أو "التحقق"، من مدى قدرة الليبيين، على الإستقلال.
في مارس 1948 زارت اللجنة معظم ليبيا و خلصت في تقريرها إلى عدم تهيء البلاد للإستقلال....
كانوا كلهم، يريدون الوصول إلى هذه النتيجة، و لكنهم كانوا كلهم، مختلفين، حد الشقاق، في الإستفادة منها...
فشل الوزراء، في اقتسام ليبيا، فأحالوا أمرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، و في اذهانهم ، أنه هناك ، و هناك فقط ، يمكن أن يظفروا بالغنيمة المغرية... ليبيا التي يأتي منها كل جديد،أو التي تأتي بكل جديد ...
في الأمم المتحدة ، قررت الجمعية العامة، استقلال ليبيا عن نظام الوصاية ، و جاء الإستقلال صدفة، لم تكن في حسابات الأربع ، بعد أن رجّحه صوت غافل ...
بين الكبار، كانت بريطانيا أكثر المعارضين لإستقلال ليبيا،و كانت أكثر الداعمين لها بعد استقلالها... المكر البريطاني، جعل بريطانيا تتصرف، مثل تصرف الدببة مع الأسماك العابرة . لا تطارد الدببة الأسماك العابرة، في هجرتها ، و لكنها تنتظرها عند المضائق المائية، لتلتهمها ...
بريطانيا ، كانت تعرف، أن ليبيا ليس بيدها ما تنفّذ به استقلالها، و أنها حين تتحصل عليه، لن تكون إلّا بين أحضانها، و هكذا كان...
و بهكذا فقد السوفييت الأمل، حتى في "نقطة التموين المادي التقني"، التي أوصى بها ستالين، وزير خارجيته ...
و لو لم يكن الوقت قدتأخر لكان ستالين قد ابرق إلى روزفلت مخاطبا اياه بصديقي العزيز؛ العبارة التي تعني في السياسة لقد تفطنت إلى اللعبة؛ أو شكراً لأنك خدعتني بحسب الحال ..
IV
ليبيا مصلحة دائمة. بلاد واعدة بالكثير. التواجد فيها يضمن الحصول على الفرص .. ماذا لو كان ستالين يتيقن ان في ليبيا سيكون غاز، و لروسيا ستكون غاز بروم؟
ربما كان سيشعل حرباً من أجل ذلك ، أما و أن تتاح هذه الفرصة بلا حرب فمن الصواب ان تنتهز روسيا اليوم؛ على قوتها ؛ تقاطع المصالح من أجل ان تظفر بمصلحة هي امنية قديمة ظل طعمها و رائحتها مسيطران على "أنوف" ساستها في كل مراحلها ؛ فماذ حين يكون من يسوسها يملك حاسة شم تفوق في قوتها حواس الثعالب؟ هل سيكون للمبادئ مكان في حساباته؟
ليبيا مصلحة إلى الحد الذي يجعل ايني غاز لا تتردد في الركوع حتى امام بابٍ واطٍ لتدخل و تظفر بشيء منها و لا تخجل أنها كانت لها الأفضلية فيها ..
كل العالم ، القريب و البعيد ، أمس و اليوم، عينه على ليبيا. حتّى بعد أن فقد كثيرٌ من العوامل الجغرافية و الإقتصادية و حتى السياسية أهميته ، ظلت ليبيا الجوهرة التي يُريد الجميع، الظفر بها، إلّا الليبيين أهلها، فهم الوحيدون الذين ظلّوا، في كل العهود، و على الدوام، يريدون الظفر بما فيها،و ليس بها...

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

الد لــAL-DALEELــيـل

2017