فيما اخُطّه على هذا الحائط من أفكار او اراء أسعد جدا بالتفاعل معها اعجابا او ودا او استنكارا او اندهاشا او حتى ضحكا أو بالتعليق عليها او مشاركتها. إني أفرح لمجرد انني " نقّبت أو نبشت" في شأن ما ؛ اتاح لمهتم أو متخصص أو أو مطلع أو متابع أو صديق او رفيق او حتى لفضولي ان يقول رأيه أو أن يثري رأيي على أي وجه و لو بالمخالفة أو الإضافة لفكرته.
لكنني في كل هذا لا أُناقش احداً في تعليقاته ، و لا أحب ذلك.
مما يسوءني ان يتخذ أحد ما؛ فيما اكتبه مناسبة للإساءة أو لتشويه مسيرة الجيل الذي انتمي إليه و ربما الذي قبله ..
بطبيعة الحال من حق الجيل الحالي ان يقرأ و ان يعرف تجربة جيلنا و ماقبله في الحياة العامة و ان يتفحصها و يتدبر مسارها ؛ لكن ليس من الصواب و لا الموضوعية ان يفعل ذلك بعين اليوم.
رؤية الأمس بعين اليوم تقود إلى الخطأ في التقييم و في الحكم .
الخطأ في التقييم او الحكم يقود إلى خطأ أكبر منه و هو التأسيس للمستقبل على قواعد خاطئة؛ هذا لمن اراد من تقييمه ان يستخلص الدروس و العبر.
لكن كإنطباع عام ، جيل اليوم في معظمه جيل ليس مؤهلاً لعمل نافع و مفيد كهذا ؛ فهو جيل موهوم و مهزوم يفر من مسؤولياته و واجبه إلى خياله .. جيل رهين الخواء الفكري و المعرفي الذي اختاره .. ينشد الرفاه و لا يريد ان يعمل لتحقيقه . جيل يتمثل سنغافورة و ماليزيا و حتى دبي الزجاجية ؛ و لكن سواده لايملك حتى مجرد النية لأن يكون ماهرا مثل السنغافوريين او مطيعاً مثلهم لاكتساب المهارة ..
جيل يدّعي المعرفة و العلم و هو لا يجيد حتى التعبير فضلاً عن صواب الكتابة و الكلام ..
جيل يدّعي الغنى و لكنه لا يحسن تقدير القيمة الفعلية لموارده و لا يدرك انها بالكاد تكفيه العيش على الكفاف لو دخلت بلاده في تنمية حقيقية ..
جيل يخجل من عجزه، او يتوارى وراء سوءاته فيكتب و يتكلم من وراء حُجب ..
جيل رهين لأفكار و تفاسير متخلفة للتعاليم الدينية ؛ يلقي عجزه على الدين و الغيب ..
لهذا الجيل و لنفر من جيلنا مسكونين بالتعصب و الكراهية و الأحقاد أقول :
إذا كنتم صادقين في نواياكم و حريصين على انتشال بلادكم مماهي فيه و النهوض بها فعليكم إجراء مراجعة قضائية لسياسات ليبيا الماضية من " رغيف الخبز إلى المشروع النووي" و التزام الصمت إلى أن تخرج النتائج ؛ التي بمقتضاها لكم ان تقرروا ما ترون و لو بتجريم المسؤولين عنها إذا شكلت جرما او ؛
ان تنسوا الماضي و ان تشمّروا على سواعدكم و تبنوا البلاد التي في اذهانكم و انتهجوا السياسات التي ترون صوابها ..
امّا جيلنا فيكفيه انه تصرف بما تمليه عليه إرادته و تحدى الأقوياء و هو يفاخر بما فعله و يتحمل مسؤوليته ..
...
يوم أمس الأول كتبت هنا عن العلاقة التي افتتحها قائد السودان الجديد مع الإسرائيليين. لم اعترض على تلك العلاقة فذلك ليس من شأني و لن يؤثر لا اعتراضي و لا تثمين من يخالفني في شيء؛ حتى إذا كانت النية كذلك.
كان اعتراضي على ثمن تلك العلاقة الذي ليست السودان في حاجته. أجزم ان اميركا هي التي في حاجة السودان و ليس العكس. السودان فرص اقتصادية و حتى امنية لأميركا و هذا ما يعطيه الأفضلية في اي تباحث كفء في العلاقة معها..
كيف يرهن السودان الزاخر بمصادر القوة امره كله بتحسين العلاقة مع اميركا مقابل انفتاح على الإسرائيليين لا يجني منه شيئاً؟
هل الثورة التي قامت في السودان أضعف من الحكم الذي اسقطته؟
الم يكن ذلك الحكم يناصب الإسرائيليين و أميركا العداء و لو حسب الظاهر؟
هل العلاقة مع الإسرائيليين من أولويات الثورة السودانية؟
هل الحرية و الديمقراطية التي تغنت بها الناس كانت من اجل هذا او شيء آخر في قيمته؟
علاقة السودان بالإسرائيليين امر واقع، فلِمَ يسعى لها السودان ؟ كل الدول المحيطة بالسودان تقيم علاقات معلنة و رسمية مع الإسرائيليين؛ حتى ليبيا ليست استثناء فهي مفتوحة عليهم منذ أن تمكنوا منها سنة 2011، ليس برغبتها ؛ إنما لعجزها .. السموات و الاراضي الليبية مفتوحة لهم ؛ و ليس مستبعدا أن نصبح أو نمسي عليهم و قد صاروا ضيوفا عليها في يوما ما . أن ذلك ليس مستبعداً أبداً.
الإسرائيليون القلة يعتقدون انهم عنصرا فاعلا في اقليمنا الكثرة و انه في حاجتهم ؛ و انهم سيندمجون فيه على اي نحو. إندماجهم فيه هو ما سيقود إلى ذوبانهم ، و يقودهم إلى نهاية اطماعهم العنصرية بخلاف ما يريدون. كل الحقائق تقول هذا. الإسرائيليون يرغبون العيش معزولين عن محيطهم و في ذات الوقت يسعون لعلاقات معه . ان هذا لا يستقيم مع المنطق. على أي نحو كانت تلك العلاقة ؛ فإن الملايين مآلها ان تذوب في الملايير مهما كان نصف المليار من العرب ضعيفاً. فقط الامر رهين بالوقت لا غير ؛ فلما نسعى نحوهم و نحن الأعلون ؟